(((( هندسة الاشارة للصم والبكم ...؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

كانت الحيرة هي الوجه الوحيد في حوار دام لدقائق بيني وبين ذلك الشاب اللطيف ، لا علم لي بما يريد قوله من كلمات مهندسة في إشارات يحتار لها الفكر في التحليل والتفسير .

كلمات مرمزة بإشارات غير مفهومة لنا نحن القادرين على النطق والسمع ، كلمات مهندسة بأجمل الأشكال ، كل إشارة منها ترمز لفهم أو لكلمة أو لجملة أو لفعل ..

وقفت كما يقف التلميذ الصيني في صف اللغة العربية في التصريف والنحو والإعراب ، لا حيز له من الفهم

كان الحيرة و الامتغاض عنوان ذلك اللقاء ، فكل واحد منا في واد يصرخ بما يريد قوله ، وما من أحد يجيب ....!!

حاولت جاهداً في امتهان شهادتي العلمية ، عسى أن تنفعني ولو بالقدر القليل ، ولم أستطع و لم تنفع .

حاولت في مخيلتي و ذاكرتي أن استنبط كل حركة مرت معي منذ الصغر ، تساعد في شرح أو فهم ، ولم ينفع ذلك أيضاً ، فكانت كل حركة من يدي ، تعكس العبسو والاستفهام في وجه ذلك الشاب

تنبه دماغي في أن التواصل مع هذا الشاب قد يمكن عن طريق الكتابة ، فسارعت إلى ورقة بيضاء فارغة ، أكتب فيها ما أريد قوله ، وما هي إلى لحظات حتى أمسك الشاب اللطيف بيدي قبل أن أكتب ولو كلمة واحدة ، ليرمز لي بعينيه أنه لا يقدر على القراءة أيضاً ..

كانت الحوار بحد ذاته مشكلة ، إلا أنها كانت تتضخم و تكبر إلى حد العجز ..

حاولت وحاولت ، حتى جاء المنقذ ( المترجم ) بيننا يترجم حركات هندسية ترسم بأيد ماهرة لماحة سريعة ، إلى كلمات منطوق بها ، أقدر على سماعها و فهمها ...

وقبل النهاية ، شعرت بشيء من الحزن في نفسي ، قلة معرفتي ... أو بالأحرى عدم معرفتي في فن الإشارة ..لغة الصم والبكم ... و كان الحزن مشترك بيني وبينه ، فقد كان الحزن يرتسم على وجهي قبل وجه ذلك الشاب الوسيم .

انتهى الحوار في دقائق قليلة ، ليدفع بي الشجون في التواصل مع ذلك الشاب ، في البحث عن أساليب التعلم في لغة الإشارة للصم والبكم ، إلى أن التقينا ، أنا و المعجم الشامل لكل الحركات ، أدرس فيه و أبحث في المعاني والكلمات ... في كل يوم و في كل وقت فراغ .

والآن و قبل مدة صغيرة ، أصبحت الصديق الأوحد لموجموعة من الشبان ، لا تتراوح أعمارهم بين العشرين و الخمسة والعشرين عاماً ، أحاورهم و أخاطبهم ، وفي كل يوم يزداد مستوى فهمي لإشاراتهم ليزداد معه فهمهم لكلماتي ...

أخيراً : وبعد مدة قصيرة عرفت من هؤلاء الشبان أنهم يبحثون في أمر السفر خارج البلاد ، و بالتحديد إلى دولة إسبانيا ، فهي الدولة العريقة ( كما أخبروني ) في تنظيم صفوف الصم والبكم و غيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة ، إلى أهداف سامية ، منها التعليم والتعليم العالي ، وغيرها من الميزات الجميلة و الهادفة ، ودون الدخول في تفاصيل الرواتب المادية المقدمة ، و المسكن و و و و

سؤالي : اليس هوؤلاء الشبان هم من أبناء مجتمعنا ، أولم يكن من الأفضل توجيه تلك الطاقات الكامنة في الجهة المثلى لهم .... أسئلة كثيرة تراودت فكري ، أترك لكم حيز النقاش لها إن أحببتم

دمتم بخير